الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الوحلة التاريخيّة هي التي فيها المجتمع التونسي حاليا... بقلم الأستاذ عميره عليّه الصغيّر

نشر في  29 أوت 2020  (19:35)

بقلم الأستاذ عميره عليّه الصغيّر
لنذكّر أولا بحقيقة سسيولوجية تاريخية هي أنّ المجتمعات تتحرّك وتفعل في وجودها حسب ما تقتضيه الشروط الموضوعية والذاتية التي تتحرك ضمنها والتي غالبا ما تكون قد ورثتها على الأجيال السابقة. ماذا ورثنا او ماذا نحن فيه؟ ورثنا قيما وثقافة ( بمفهومها الواسع) ما قبل حداثية ولا تغرنّكم المظاهر المادية في البنيان والعيش والاستهلاك.
ولنتساءل هل التونسيين قد استبطنوا فعلا قيم المواطنة وما تقتضيه من واجبات وحقوق؟ وهل قيم وحقوق الانسان التي تضمنتها المواثيق الدولية هي من معتقداتهم؟ وهل الديمقراطية كقيم وآليات التعبير عن الارادة العامة والحكم الرشيد هي مطلب الأغلبية من التونسيين؟ لا نتجنى على الواقع عندما نجيب بالسلب عن كل هذه الاستفهامات.
نريد (القلة الصادقة) نظاما سياسيا ديمقراطيا وحوكمة رشيدة تخدم الصالح العام بما تقتضيه من امتثال للقانون والوطنية والنظافة والكفاءة في القيام بالواجب وفي تصريف الحياة بينما غالب المجتمع، مَتعلِّمُه قبل جاهله، يرى السياسة "تدبير راس" و" مكاسب" و"خدمة للمصالح الخاصة" ويثمّن "الخروج عن القانون" ويرى في الفساد بأنواعه (من الرشوة واشتراء الذمم وافساد القضاء وسرقة المال العام والخاص...) ذكاء وفطنة وتميزا، وأغلبية تدير ظهرها لثقافة العمل والجهد و"الرزق الحلال" علاوة عن استشراء الغش من ابسط المعاملات الى اعقدها، مجتمع الأنانية والكِبر.
هذا زيادة على انفصام تاريخي يعيشه الناس بين اسلوب حياة فرضه العالم المتقدم عليهم وقيما مستبطنة يغذيها جهّال القرون الوسطى يسمونها وفاء للهوية الاسلامية، فهم من الداخل محمد وعائشة وخديجة و عمر ابن الخطاب وحلم بالخليفة العادل والشريعة التي ستملأ الدنيا عدلا ومن الخارج لباسا ومكياجا وسيارات القرن الواحد والعشرين.
كيف نريد من مجتمع هذه هي القيم التي يعيش اغلبه عليها وأقصى أماله في الحياة أن يشتغل ويتزوج ويكسب دارا وسيارة ان يفرز نخبا سياسية تختلف عليه وتقطع مع قيمه السائدة والتي يعيش عليها ويعيد انتاجها من الولادة.
انه سيختار ليحكمه من يشبهه وها نحن ولأول مرة في تاريخ تونس السياسي نمنح الفرصة الحقيقية لانتخاب من سيسيّرون البلاد ونعيد الكرة وراء الكرة في اختيار" الفاسد وخوه" و"القلاّب وخوه" و"المجرم وخوه" و"البهيم وخوه" الاّ من رحم ربك.
هذه هي الورطة، هذه هي الوحلة.
من يقدسون الشعوب وعمي البصيرة رجاء اعفوني من تعليقاتكم.
الحل؟ نعود اليه في نص قادم.